Wednesday, April 2, 2008

احرص على ما ينفعك


الحرص : تحرك الإرادة ، وانبعاث العزيمة ، واقتناص الفرص المناسبة ، والمسارعة إلى قطف ثمار المنافع ، وحصد سنابل الفوائد ، وتقييد شوارد المصالح ،والحريص العاقل من لا يزال مراقباً للمناسبات ، ملاحظاً للأوقات ، حتى يهجم ببصيرته على ما يصلح دينه ودنياه.والحرص على ما ينفع دليل على صدق النية ، وقوة العزيمة ، وسلامة الطبع واعتدال المزاج ، وغزارة الفهم ، لأن كل عاقل سوي يجتهد في جلب الخير لنفسه ، ودفع الضر عنها، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (احرص على ما ينفعك ) أعظم دليل على بذل الجهد في حصول المطلوب ، وترك التخاذل والتكاسل بحجة القدر ، فإن هذا دليل القاعدين الفاشلين ، بل على العبد أن يحرص غاية الحرص على كسب ما ينفعه من الأقوال والأعمال والرزق الحلال ، ويستفرغ الجهد في تحصيل المنفعة الدينية والدنيوية بأحسن السبل الشرعية



ولا يهمل مصالحه إلا غافل بليد ، ولا يفرط في مكاسبه إلا أبله رعديد ، فإن الوحي جاء باستثارة الهمم ، ومناداة العزائم ، وتحريك الإرادات، لتنبعث طالبة فاعلة مؤثرة، تجني الخير، وتجمع الفضائل، وتحصِّل القيم ، وحِرصُ العبد على ما ينفعه أول أبواب الفضائل ، لأنه مِن عمل النية، ثم يتبعه الحركة الراشدة ، والتوثب الصادق ، واليقظة التامة ، فيسعى جاهداً في إصلاح نيته ، وإحسان عمله ، وتعمير مستقبله ، وحيازة رزقه الحلال ، والقيام بمن يعول ، وتهذيب نفسه ، وتقويم اعوجاجه


ولا تلقى مفرطاً أضاع نصيبه من الخير إلا لتركه الحرص على نفع نفسه ، ولا تجد محروماً ، من السعادة إلا من أهمل إرادته ، وعطل عزيمته ، فأنفق عمره في الأماني الكاذبة ، والخيالات الفاسدة ، والوساوس الخادعة ، حتى بدد العمر في سوق الغبن ، ومزق ثوب الأيام بكف التفريط ، وأحرق شجرة الهمة بنار الخذلان .



إن حرص العبد على ما ينفعه واجب شرعي ، وضرورة عقلية ، بها يصل العبد إلى مصاف الناجحين ، ومراقي الصاعدين في سلم القبول ، ومعارج التفوق، وبها يطوي بروج الفضائل ، ويقطع مسارات الخيرات ، فهو سباق لكل عمل نبيل ، وثاب لكل فعل جميل ، مسارع لكل مقصد جليل ، في قلبه نور الهمة منقدح ، وفي نفسه زند الحرص الصادق محترق ، فهنيئاً له سموه وتقدمه وتميزه .قد هيؤوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل


بقلم / د . عائض القرني

3 comments:

روابط said...
This comment has been removed by the author.
روابط said...

اعجبنى هذا البوست او هذه النصيحة الذهبية,فانا من اشد الناس حاجة اليها حاليا

تحياتى

SaRa said...

حازم سويلم

اسعدنى وجودك

واعجابك باختيارى


تحياتى